أخلاق المؤمنين والمؤمنات

37
hvips01-32-1

بسم الله الرحمن الرحيم، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبدالله وأفضل الدعاة إلى سبيل الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهديه إلى يوم الدين، أما بعد:
فإني أشكر الله عز وجل على ما من به من هذا اللقاء بإخوتي في الله وأخواتي في الله في مقر مستشفى النور التخصصي في مكة المكرمة في رحاب بيت الله العتيق، أسأله سبحانه أن يجعله لقاء مباركا، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعا، وأن يمنحنا الفقه في دينه، وأن يعيذنا جميعا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
ثم أشكر القائمين على هذا المستشفى وعلى رأسهم سعادة المدير على دعوتهم لي لهذا اللقاء، واسأل الله أن يبارك في جهود الجميع، وأن يعينهم على كل ما فيه رضاه وعلى كل ما فيه نجاح هذا المستشفى وسلامة القائمين عليه والمعالجين فيه، كما أسأله سبحانه أن يوفق الجميع لكل خير، وأن يثبت الجميع على دينه ويعيذنا جميعا من مضلات الفتن إنه خير مسئول.
أيها الإخوة في الله والأخوات في الله عنوان كلمتي: (أخلاق المؤمنين والمؤمنات) بين الله سبحانه في كتابه الكريم في مواضع كثيرة من القرآن أخلاق المؤمنين وأخلاق المؤمنات، وكررها كثيرا ليعلمها المؤمن فيأخذ بها ويستقيم عليها ولتعلمها المؤمنة فتأخذ بها وتستقيم عليها، ولا فرق في ذلك بين الأمراء والأطباء والعلماء وعامة المؤمنين من الذكور والإناث كلهم مطالبون بهذه الأخلاق، مطالبون بالتحلي بالأخلاق الإيمانية التي شرعها الله لعباده وأمرهم بها وجعلها طريقا للسعادة في الدنيا والآخرة، وسبيلا لمصلحة الجميع في هذه الدار وطريقا للنجاة يوم القيامة، ومن جملة الآيات وأجمعها في ذلك قول الله سبحانه وتعالى في سورة التوبة: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:71].
ثم ذكر بعد ذلك جزاءهم في الآخرة فقال: وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ[التوبة:72] هذا جزاؤهم في الآخرة فجدير بكل مسلم ومسلمة وبكل مؤمن ومؤمنة أن يتدبر هذه الآية وما جاء في معناها من الآيات ويتفقه في ذلك، وأن يعمل بمقتضاها حتى يكون من المستحقين لرحمة الله في الدنيا والآخرة ومن الفائزين بالجنة والكرامة يوم القيامة.
فجميع المؤمنين والمؤمنات من جميع الطبقات من عرب وعجم وجن وإنس وأمراء وعلماء ومديرين وآباء وطبيبات وباعة وممرضين وممرضات وغير ذلك، جميع هذه الطبقات كلهم إذا آمنوا بالله ورسوله كلهم داخلون في هذه الآية وهي قوله سبحانه: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يعني كل واحد ولي أخيه وأخته في الله، وكل مؤمنة ولية أخيها في الله وأختها في الله بالتناصح والتواصي بالحق وأداء الأمانة وصدق الحديث وعدم الغش في المعاملة إلى غير ذلك، كلهم أولياء كل واحد ينصح للآخر ويؤدي حقه ولا يغتابه ولا ينم عليه ولا يخونه ولا يشهد عليه بالزور ولا يظلمه لا في نفسه ولا في ماله ولا في عرضه، وبذلك يفوز بما وعد الله به المؤمنين إذا استكمل هذه الصفات العظيمة.

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *